يوسف المعولي
تتحول المدن إلى رموز، ويصبح الحديث عنها شهادة على قوة الروح البشرية في مواجهة الدمار. غزة، المدينة الفلسطينية التي كانت شاهدة على أزمنة من المقاومة والصمود، تحولت اليوم إلى ركام. الشوارع التي كانت تضج بالحياة، والأسواق التي يعمها ضجيج الباعة، والمنازل التي احتضنت أحلام العائلات، أصبحت مشاهد صامتة تحت أكوام الخراب. لكن خلف هذا الركام، هناك قصة من العزيمة والأمل لا تموت.
العدوان والكارثة الإنسانية
في كل مرة تشتد الهجمات على غزة، تترك خلفها مشاهد مروعة: بنايات منهارة، مستشفيات مكتظة بالجرحى، وأحياء تحولت إلى أطلال. تتعرض البنية التحتية للقصف بلا هوادة، وتُستهدف المنازل كما لو أن البشر فيها أرقام بلا حياة. لكن غزة ليست مجرد حجارة وأبنية، إنها مدينة حية بنبض أهلها الذين يرفضون الاستسلام رغم المآسي المتكررة.
الركام شاهد على الظلم
في أحد أحياء غزة، حيث اختلط الغبار برائحة البارود، ستجد أنقاض المدارس التي كانت تزرع الأمل في نفوس الصغار. تحت هذه الأنقاض، تختبئ أحلام الطفولة، وأوراق الدراسة التي خطتها أيادٍ صغيرة كانت تؤمن بمستقبل أفضل. ستجد أيضًا المنازل التي احتوت دفء الأسر، وقد تحولت إلى صمت يئن تحت وطأة الجدران المتهاوية.
صمود بلا حدود
على الرغم من أن الركام يحجب ضوء الشمس عن كثير من البيوت، فإن أهل غزة يظلون أشجارًا راسخة تتحدى العواصف. عندما يُهدم منزل، لا يبني سكانه الجدران فقط، بل يعيدون بناء الحياة والأمل. ترى الأمهات يحملن الأطفال، ورجال الإسعاف يهرعون بين الدمار لإنقاذ الأرواح، والشباب يرفعون الحطام بأيديهم ليعيدوا تشكيل الحياة من جديد.
الأمل يولد من بين الحطام
الركام في غزة ليس النهاية، بل بداية جديدة تعكس إرادة الحياة. هذا الركام يتحول إلى قصص تروى عن القوة، عن التمسك بالأرض، وعن الإيمان بأن الغد يحمل أملًا جديدًا. ما تهدمه الحروب يعيده الصمود، وما تحاول المحن إطفاءه يشعل الأمل في قلوب الناس.
رسالة غزة للعالم
غزة، التي تحولت إلى ركام، ترسل رسالة للعالم بأسره: العدوان قد يدمر الأبنية، لكنه لن يكسر الروح. الظلم قد يزرع الخراب، لكنه لا يستطيع أن يقتلع الأمل. غزة تقف اليوم بين أنقاضها، لكنها أقوى من أي وقت مضى، وأبناءها يشقّون طريقهم نحو حياة يستحقونها، رغم الحصار والدمار.
خاتمة
غزة ليست مجرد مدينة تحولت إلى ركام؛ إنها أيقونة للصمود البشري في وجه الظلم. من تحت الأنقاض ينبثق الأمل، ومن بين الدمار ترتفع أصوات الحرية. قد تُهدم الجدران، لكن إرادة الحياة تبقى عصية على الانكسار.